فمن كفّر الناس بالعموم ولم يكفِّر الأفراد لا نقول عنه أنه يوافقنا في تكفير العموم؛ كذلك من كفَّر الناس بالعموم ولم يكفر من الأفراد إلا من عرف كفره شخصيا لا نقول عنه أنه يوافقنا في تكفير العموم ، أيضا من جعل تكفير العموم من الأصل وجعل تكفير الأفراد خارجا عن الأصل إلا من ثبت كفره شخصيا، كل هؤلاء تكفيرهم للعموم نظري معزول عن الواقع لأنهم لم يعملوا بالعموم في حق الأفراد، فالعام يشمل أفراده، فعندما نقول الصينيين كفار أو الشعب الصيني شعب كافر نقصدهم جميعا رجالهم ونساءهم وأطفالهم، ولا نستثني أحد إلا من علمنا إسلامه.
ثبوت الحكم العام بالكفر لقوم ما يعني ثبوت حكم الكفر في حق كل فرد من أفراد العموم (الرجال والنساء والأولاد)، ولا يلزم البحث عن كفر كل فرد على حِدة ليثبت له حكم الكفر، فهذا إلغاء للحكم العام وكأن هذا الكفر الظاهر بين ناس مسلمين أصلاً. كما أن ثبوت الحكم العام بالإسلام لقوم ما يعني ثبوت حكم الإسلام في حق كل فرد من أفراد العموم (الرجال والنساء والأولاد)، ولا يلزم البحث عن إسلام كل فرد على حدة ليثبت له حكم الإسلام فهذا إلغاء للحكم العام.
إذا كان هذا الشخص فرد من جملة الكفار، وليس عليه أي أمارات أو دلائل ظاهرة تدل على كونه مسلما، فما الذي يجعلنا نشك في تكفيرنا له؟!
هذا الاحتمال الذي أتوا به مجرد شك في النفس مرجوح مطروح لا يقوم عليه أي دليل ظاهر، أي مجرد احتمال في حقيقة الشخص وما غاب عنَّا وليس في ظاهره، والحقيقة والباطن وما غاب عنا ليس هو مناط الحكم على الإنسان بالإسلام والكفر، وإنما الحكم على الظاهر، وبواطن الناس وسرائرهم وما خفي علينا من حالهم موكول إلى الله، فهذا الاحتمال لا يُلتفت إليه في تكفيرنا للشخص ولا في معاملتنا إياه، فهو احتمال غير معتبر لا عقلا ولا شرعا، ووجوده كعدمه، فحكم الكفر يجري على جميع أفراد القوم الرجال والنساء والأولاد إلا من ثبت إسلامه ظاهرا.